صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل.. استقرار طويل الأمد وطموحات إقليمية




أفاد تقرير صادر عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)، أحد أبرز مراكز الأبحاث العالمية، أن الصفقة الضخمة الأخيرة للغاز بين مصر وإسرائيل ستسهم في تحقيق استقرار طويل الأمد في المنطقة.
وأبرزت الدراسة، التي نشرت عبر الموقع الإخباري الإسرائيلي "ناتسيف نت"، أن هذه الصفقة تُعتبر "حجر أساس لحفظ الاستقرار وضمان استمرار اتفاقية السلام بين البلدين لأطول فترة ممكنة".
الترابط الاستراتيجي للطرفين

أعد الدراسة الباحث الأول ألكسندر ميلون، المتخصص في علاقات الطاقة في الشرق الأوسط وسياسات الأمن الإقليمي، تحت عنوان: "الترابط الفعّال: صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل". تناول فيها المكاسب والمخاطر الكامنة وراء الاتفاقية.
وفق الدراسة، أنشأت الصفقة نموذجًا للترابط الاستراتيجي بين البلدين، حيث تزود إسرائيل الغاز عبر خطَي أنابيب "تمار" و"ليفياثان"، بينما توفر مصر البنية التحتية للتسييل والتصدير من خلال مركزي إدكو ودمياط. هذا الترابط يجعل مصر تعتمد على تدفق الغاز الإسرائيلي، في حين تعتمد إسرائيل على قدرة مصر على تسييل الغاز وتصديره إلى الأسواق الأوروبية.
المكاسب المصرية

اقرأ أيضاً
«شيفرون» توقف تصدير الغاز بين مصر والأراضي المحتلة
شركة PTT التايلاندية تجري محادثات متقدمة مع قطر بشأن صفقة الغاز المسال
مصر وإسرائيل يبحثان زيادة إمدادات الغاز لمنطقة شرق المتوسط
رئيس جمعية مستثمري الغاز: مذكرة التفاهم بين ”مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي” ستسرع وتيرة التنمية المستدامة
مذكرة للتعاون في تجارة ونقل وتصدير الغاز بين مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي
تتجاوز فائدة مصر استخدام الغاز الإسرائيلي للتسييل والتصدير، لتشمل تعزيز موقعها كمركز إقليمي للطاقة وترسيخ دورها في الساحة العربية. كما تمثل عائدات صادرات الغاز الطبيعي المسال مصدرًا مهمًا للعملات الأجنبية، خصوصًا في ظل أزمة شح الدولار التي تمر بها البلاد.
المكاسب الإسرائيلية
بالنسبة لإسرائيل، تمكّن الصفقة من الوصول غير المباشر إلى السوق الأوروبية دون الحاجة إلى بناء منشآت تسييل باهظة التكلفة، ما يعزز علاقاتها مع مصر ويُرسّخ صورتها كمورد إقليمي موثوق للطاقة.
البعد الجيوسياسي

تمثل الاتفاقية أداة سياسية أيضًا، إذ تتيح للقاهرة الحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة مع واشنطن وتل أبيب حتى في أوقات التوتر السياسي. وفي المقابل، تنظر أوروبا إلى هذا التعاون باعتباره نموذجًا للتكامل الإقليمي الذي يدعم الاستقرار وأمن الطاقة.
نقاط الضعف والمخاطر
رغم الفوائد العديدة، يشير التقرير إلى أن الترابط بين البلدين يحمل مخاطر محتملة؛ إذ قد يؤدي أي خلل سياسي أو أمني أو فني، مثل تلف البنية التحتية أو تغيير في سياسة التصدير، إلى أضرار مشتركة. لذلك، يشدد الباحث على ضرورة وضع آليات مشتركة لضمان استمرار الاستقرار على المدى الطويل.
توقيت الصفقة والسياق الإقليمي
أشار ميلون إلى أن "صفقة الغاز الكبرى وُقّعت في خضم الإبادة الجماعية في غزة"، موضحًا أن الاحتلال الإسرائيلي أبرم حينها أكبر اتفاقية تصدير غاز طبيعي في تاريخه مع مصر عبر شركة "نيوميد إنرجي"، إحدى الشركات الثلاث المشاركة.
وصف موقع "ناتسيف نت" الصفقة بأنها أكثر من مجرد اتفاق اقتصادي، معتبرًا أنها "تحالف مصالح إقليمي تتداخل فيه الطاقة بالدبلوماسية"، موضحًا أن "تل أبيب تُقدّم الموارد، ومصر البنية التحتية، ومعًا يحوّل الطرفان البحر الأبيض المتوسط إلى مركز طاقة مؤثر في أوروبا".
وأكد الموقع أن نجاح قطاع الطاقة يعتمد على نظام دقيق من الترابط يعزز الاستقرار، لكنه يظل هشًا في أوقات الأزمات، مشيرًا إلى أن الدراسة تمثل "مؤشراً آخر على الإجماع الدولي حول أهمية الصفقة للمنطقة وأوروبا".
يُذكر أن مصر وقعت اتفاقية تاريخية بقيمة 35 مليار دولار لاستيراد الغاز الطبيعي من حقل "ليفياثان" الإسرائيلي، وهي أكبر صفقة تصدير في تاريخ إسرائيل، وتُعزز التعاون الإقليمي في مجال الطاقة.