سفيرة رومانيا بالقاهرة: مصر ركيزة مهمة للاستقرار فى مشهد إقليمى سريع التغير




أكدت سفيرة رومانيا بالقاهرة أوليفيا تودرين، أن مصر تعد ركيزة مهمة للاستقرار فى مشهد إقليمى سريع التغير وملىء بالتحديات، مشددة على أنه من الضرورى للاتحاد الأوروبى، أن يحافظ على الدور الرئيسى لمصر كشريك للاستقرار وداعم فى حل النزاعات وبناء السلام وإعادة الإعمار والتنمية المستدامة بعد انتهاء النزاعات فى كل من القارة الإفريقية ومنطقة الشرق الأوسط.
وأشارت سفيرة رومانيا - في حوار خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الاثنين - إلى أهمية ألا تقتصر علاقات الاتحاد الأوروبي مع مصر على المجال السياسي والدبلوماسي فحسب، بل أيضًا على التعاون الاقتصادي من حيث فرص الأعمال والاستثمار؛ وذلك من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص، معربة عن ترحيب رومانيا الحار باعتماد البرلمان الأوروبى لحزمة المساعدات المالية الكلية لمصر بقيمة 4 مليارات يورو في أبريل الماضي.

وأعربت عن سعادتها بأن هذه الحزمة قد حظيت بتصويت إيجابي ساحق من قبل الأعضاء الرومانيين في البرلمان الأوروبي؛ ما يعكس دعم رومانيا القوي والمستمر لمصر والصداقة الراسخة، مؤكدة أن بوخارست تتعامل فى شراكتها مع القاهرة برؤية طويلة المدى ترتكز على المنفعة المتبادلة وتنويع التعاون وبناء القدرة على الصمود في بيئة عالمية معقدة.
ولفتت تودرين إلى أن الالتزام طويل الأمد الذي قطعه الاتحاد الأوروبى وجميع دول الأعضاء عبر شراكته الاستراتيجية مع مصر، كان جليا بتسهيل هذه الحزمة المالية التاريخية والتي تعكس بوضوح العلاقات السياسية والاقتصادية الإيجابية بين الطرفين.. وأن هذا الالتزام يؤكد الأهمية الاستراتيجية للشريك الآخر؛ استنادًا إلى المصالح والمبادئ المشتركة والاتجاهات الجيوسياسية الجديدة.. كما أن هذه الحزمة المالية تبعث برسالة مهمة من الاتحاد الأوروبي إلى القيادة المصرية، مفادها بأن رومانيا، بصفتها دولة عضوًا بنّاءة في الاتحاد الأوروبي، تدعمها دعمًا كاملًا وهي "رسالة ثقة وتوقعات إيجابية حول قدرة مصر على التطور والتحديث والازدهار".

اقرأ أيضاً
وزير الزراعة يبحث تعزيز التبادل التجاري مع رومانيا ومولدوفا
توقّعات بحصاد قياسي للقمح في رومانيا خلال موسم 2025/2026
وزير قطاع الأعمال يترأس الاجتماع المشترك لمجلس التعاون المصري الكويتى
وزيرا التخطيط والعمل يطلقان منصة ”آفاق الفرص والوظائف في مصر”
الرئيس السيسى: السياحة أحد محاور تعزيز التعاون بين مصر واليونان وقبرص
ميناء دمياط يستقبل 63 ألف طن قمح روماني لصالح ”السلع التموينية”
مصر الجديدة للإسكان: مشاركة غرناطة بحد أدنى مضمون 1.8 مليون جنيه فى العام الأول
وزير البترول يستقبل سفيرة رومانيا ورئيس ”سي اي اس جاز” لبحث التعاون المشترك
انطلاق فعاليات الدورة الأولى للجنة المُشتركة المصرية البولندية للتعاون الاقتصادي
الغرفة الهندسية تشارك بمعرض العراق الدولى للإنشاءات
صادرات الحبوب الأوكرانية عبر رومانيا تتراجع إلى 52% خلال 10 أشهر
المشاط: مصر مهتمة بتطوير العلاقات الاقتصادية مع رومانيا
ووصفت سفيرة رومانيا بالقاهرة، الحوار السياسي بين مصر وبلادها بأنه "فعال وبناء" لافتة إلى أنه من المقرر عقد مشاورات على مستوى مساعدي وزيري خارجية كلا البلدين هذا العام؛ لضمان المتابعة الكاملة للزيارة الرسمية التي قامت بها وزيرة خارجية رومانيا في أكتوبر الماضي.. مشيرة إلى أن رومانيا أجرت مؤخرا انتخابات برلمانية ورئاسية والتي أسفرت عن رئيس جديد ورئيس وزراء جديد وائتلاف حكومي جديد.
وقالت:" سنعمل خلال الفترة المقبلة على الإعداد لزيارات رفيعة المستوى، بالإضافة إلى تنظيم الفعاليات الخاصة؛ بمناسبة الاحتفال بمرور 120 عاما على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين مصر ورومانيا العام المقبل" مشيرة إلى أهمية ألا يقتصر الاحتفال بهذه الذكرى على اعتبار أنه احتفال بالماضي فحسب، بل أيضًا كمنصة لبناء المستقبل؛ من خلال تعزيز التعليم والحوار بين الثقافات، وتعزيز التعاون التجاري، والتنمية المستدامة.

وعن التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين مصر ورومانيا.. أكدت تودرين أنه اكتسب زخمًا متجددًا، مدعومًا بالتزام مشترك بشراكة سياسية متينة وأهداف تنموية وطنية لكلا البلدين وقد انعكس هذا النشاط الاقتصادي بشكل بارز خلال الدورة الرابعة للجنة المصرية الرومانية المشتركة للتعاون الاقتصادي والعلمي والفني، التي عُقدت في بوخارست في أكتوبر الماضي، باعتبارها علامة فارقة في العلاقات الثنائية منذ الدورة الأخيرة عام 2019.
وأوضحت أن نتائج هذه الدورة كانت مثمرة، حيث تم التوقيع على خمس وثائق تعاون رئيسية تغطي مجالات العمل الثنائي ذات الأولوية من بينها تشجيع الاستثمار والتعاون الزراعي ودعم المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وكذلك تطوير البنية التحتية لتوزيع الغاز في رومانيا ومصر من خلال الاستثمارات المتبادلة، والمبادرات الصناعية المشتركة في قطاع النفط والغاز.
وأعربت عن اعتقادها بأن هذه الاتفاقيات تعكس التزامًا حكوميًا قويًا، يتجلى في مشاركة وزير الزراعة علاء فاروق ونظيره الروماني فلورين-يونوت باربو، بالإضافة إلى وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية رانيا المشاط ووزير الاقتصاد وريادة الأعمال الروماني ستيفان رادو أوبريا، مؤكدة أن هذه الزيارة حددت مسارًا واضحًا لمشاركة أقوى للقطاع الخاص في العلاقات الاقتصادية الثنائية والتعاون طويل الأمد بما يخدم جهود التحديث في كلا البلدين.
وأفادت بأن الزراعة تعد من أكثر مجالات التعاون حيويةً، لا سيما في سياق توفير الأمن الغذائي، حيث عززت رومانيا مكانتها كثالث أكبر مورد للقمح لمصر، حيث تُصدّر لها ما يقارب من مليون طن سنويًا.. مؤكدة الاستعداد لبذل المزيد من الجهد لزيادة الواردات الرومانية من القمح في ضوء الأهمية الاستراتيجية لتنويع مصر لواردات الحبوب بجودة وسعر مناسبين، لا سيما في ظلّ اضطرابات السوق العالمية.
وأوضحت أن التبادل التجاري بين البلدين بلغ 14ر1 مليار دولار خلال عام 2024.. وشهدت صادرات الفواكه والخضراوات المصرية إلى رومانيا زيادةً ملحوظةً في عام 2024، حيث أصبح الميزان التجاري يميل لصالح مصر لأول مرة منذ سنوات عديدة.. مؤكدة عزمها على تحقيق توازنٍ جيدٍ بين الصادرات والواردات للمنتجات الرومانية هذا العام وفى السنوات القادمة.
وأضافت أن الصادرات المصرية لرومانيا بلغت 642.1 مليون دولار وتركزت بشكل رئيس على منتجات، مثل الأسمدة ومشتقات البترول والمنسوجات والسيراميك والمنتجات الزراعية الطازجة، بما في ذلك الحمضيات والخضراوات.. لافتة إلى انعكاس دور مصر كمركز إقليمي للتصنيع والتصدير الزراعي يظهر بوضوح في هذا الهيكل التجاري.
وقالت "إن مصر استوردت سلعًا رومانية بقيمة 499.7 مليون دولار وشملت الصادرات الرومانية الرئيسية إلى مصر الحبوب (خاصة القمح والذرة) والآلات والأجهزة الميكانيكية، والمنتجات الصيدلانية والمواد الكيميائية والخشب والأثاث" مشيرة إلى أن المنتجات الزراعية والقدرة الصناعية لرومانيا تلبيان احتياجات مهمة في السوق المصرية.
وأكدت أن التعاون التجاري المتنامي لا يتعلق بالأرقام فحسب، بل يعكس التكامل المتزايد بين الاقتصاد المصري والروماني والأهمية الاستراتيجية التي توليها كلا الدولتين لتعزيز العلاقات التجارية في السياقات الأوسع في منطقة اليورو والمتوسطي والإفريقي، مشددة على الحاجة إلى استكشاف علاقة استراتيجية حقيقية في المجال الزراعي والتي يشمل التصدير والاستثمار المتبادل.. مؤكدة حرصها بشكل خاص تشجيع المشروعات المشتركة والبحوث المشتركة ومشروعات الابتكار في العلوم الزراعية والبيطرية.
وأعربت عن اعتقادها بوجود إمكانيات لدعم بعضنا البعض في إنتاج غذائي أكثر ابتكارًا، واستكشاف تعاون أعمق في التكنولوجيا الزراعية، واستصلاح الأراضي، وأنظمة الري، والبحوث الوراثية فيما يتعلق بالبذور وتربية الحيوانات.. مشيرة إلى مباحثاتها مع المسئولين في معهد القومي للبحوث حول سبل التعاون مع الأكاديمية الرومانية للعلوم الزراعية والغابات.
وعن الطاقة، أكدت تودرين، أن هذا المجال يعد ركيزة أساسية للتعاون الثنائي في ضوء ترسيخ مصر لمكانتها كمركز إقليمي للطاقة، وامتلاك رومانيا لخبرة تقنية في مجال النفط والغاز، بالإضافة إلى إمكانات هائلة في مجال الطاقة المتجددة.. فضلا عن ذلك أبدت العديد من الشركات الرومانية اهتمامها بالسوق المصرية.
وأشارت إلى توقيع العديد من مذكرات التفاهم للتعاون بين شركة تاون جاس المصرية وشركة "سي . أي .أس جاس" الرومانية؛ مما مهد الطريق لمشروعات مشتركة في البنية التحتية للغاز والتصنيع.. مضيفة أن رومانيا شاركت في معرض "ايجيبس للبترول" عامي 2024 و2025 حيث عرضت شركات الطاقة الرومانية وخبراء الصناعة و ممثلو الحكومات قدراتهم واستكشفوا الفرص للشراكات في تكنولوجيات تكنولوجيات المنبع والمصب والتحول في مجال الطاقة؛ مما يؤكد عزم رومانيا على أن تكون لاعباً جاداً وطويل الأمد في مشهد الطاقة المتطور في مصر.
وعن المشروعات، أكدت أن تطوير المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال اكتسبت أهميةً بالغة على جدول الأعمال الثنائي من خلال التوقيع علي مذكرة تفاهم بين جهاز تنمية المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في مصر ووزارة الاقتصاد الرومانية بهدف تبادل الخبرات وتعزيز الابتكار، لا سيما في منظومة الشركات الناشئة.
وقالت إنها تبحث آفاق إمكانية إقامة منصة ثنائية دائمة لتحفيز ودعم مبادرات الأعمال الرومانية المصرية الجديدة في ضوء احتياج الأعمال لتدفقات مالية أكبر من خلال التواصل بين المؤسسات المالية، مثل بنك اكسيم الروماني والبنوك المصرية؛ بهدف دعم التعاون بين القطاع الخاص في كلا البلدين.. وأضافت أن بلادها حددت ثلاثة محاور أساسية للتعاون مع مصر والتي تتماشي مع الأهداف المشتركة في التنمية المستدامة والاستقرار الإقليمي والمرونة الاقتصادية، موضحة أن من أبرز أولويات بلادها للتعاون مع مصر، هو مجال الطاقة سواءً في القطاعات التقليدية كالنفط والغاز، أو بشكل متزايد في مجال الطاقة المتجددة، حيث تعتبر مصر مركزًا إقليميًا رئيسيًا للطاقة، لا سيما بالنظر إلى دورها الاستراتيجي في مبادرات غاز شرق المتوسط والهيدروجين الأخضر.
وتابعت قائلة:"إن المحور الثاني هو الزراعة والأمن الغذائي في ضوء أن رومانيا تعد مصدرا رئيسيًا للحبوب في الاتحاد الأوروبي وهي حريصة على استكشاف شراكات زراعية طويلة الأمد مع مصر، بما في ذلك في مجالات التخزين والمعالجة ونقل التكنولوجيا.. بينما المحور الثالث هو تعزيز التعاون في مجالات التعليم والبحث والثقافة والصناعات الإبداعية وغيرها".
وأوضحت أن هناك اهتماما كبيرا بالتبادل الأكاديمي ومشروعات البحثية المشتركة و التعلم مدى الحياة، وتعزيز الترويج الثقافي لكل بلد في المجال الثقافي للآخر.. مشيرة إلى أهمية الاستثمار في مشروعات أدبية وترجمة مشتركة بين المؤلفين الرومانيين والمصريين المعاصرين، بالإضافة إلى الناشرين في ضوء أن رومانيا سوف تكون ضيف الشرف لمعرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2026؛ الذي يعد أحد أكبر وأعرق الفعاليات الأدبية والثقافية في العالم.
وأشارت إلى إطلاق مدرسة الشاشة الفضية للأفلام - في أواخر يونيو - ومقرها رومانيا، وذلك بالشراكة مع الجامعة الأمريكية المرموقة بالقاهرة لتقديم شهادة مشتركة في إدارة وإنتاج الأفلام ..بينما تعتزم جامعة (هايبريون) استضافة المؤتمر الأوروبي الحادي عشر لعلماء المصريات في بوخارست في سبتمبر، مما يضع علم المصريات في دائرة الضوء في الحياة الأكاديمية الرومانية هذا الخريف.
وحول تطورت الأوضاع في قطاع غزة، أكدت تودرين، التزام بلادها باستقرار وأمن المنطقة بأسرها، وأنها تطالب جميع الأطراف بالعودة إلى الدبلوماسية والمفاوضات.. معربة عن قلقها من الوضع في غزة سواءً فيما يتعلق بالخسائر المدنية أو بالأزمة الإنسانية الشاملة.. معربة عن اعتقادها بأهمية مواصلة العمل من أجل التوصل إلى حل سياسي شامل وعادل ودائم، مع ضمانات أمنية كافية لكلا الطرفين وتنفيذ حل الدولتين وفقاً لأحكام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
وأكدت دعم رومانيا التنفيذ العاجل لاتفاق وقف إطلاق النار، مع التركيز على الإفراج الفوري عن الرهائن وحماية جميع المدنيين.. مشيرة إلى مواصلة (بوخارست) دعمها للعمل الإنساني في غزة، سواءً على المستوى الثنائي أو في إطار الاتحاد الأوروبي وقد ساهمت في تقديم المساعدات وتنفيذ عمليات إجلاء دولي إلى الدول الأعضاء في الاتحاد للحالات الطبية العاجلة، بخاصة الأطفال وأسرهم - حيث يتلقى أكثر من 41 طفلًا العلاج حاليًا في المستشفيات الرومانية، برفقة ما يقرب من 85 فردًا من أفراد أسرهم.