زراعة الشاي الهندي في خطر.. المناخ يغير قواعد اللعبة




تحت سماء لاهبة في ولاية آسام بشمال شرق الهند، ترتدي العاملة كاميني كورمي مظلة مثبتة على رأسها لتترك يديها حرتين لقطف الأوراق الرقيقة من شجيرات الشاي. تقول كورمي: "عندما يكون الجو حارًا جدًا، يبدأ رأسي بالدوران ويدق قلبي بسرعة كبيرة."
تتسبب الظواهر الجوية المتطرفة في انكماش محاصيل الشاي في مزارع الهند، ما يهدد مستقبل صناعة مشهورة بأنواع الشاي المنعشة مثل "آسام" و"دارجيلنغ"، ويعيد تشكيل تجارة عالمية تُقدر قيمتها بأكثر من 10 مليارات دولار سنوياً.

وفقاً لروبانجالي ديب باروا، عالمة في جمعية أبحاث الشاي، فإن "التغيرات في أنماط درجات الحرارة وهطول الأمطار لم تعد مجرد حالات شاذة عرضية؛ بل أصبحت الوضع الطبيعي الجديد"، وفق وكالة "رويترز".
انخفاض الإنتاج وارتفاع الأسعار
مع تسبب هذه الأنماط المتغيرة في تراجع المحاصيل وتباطؤ الإنتاج، من المتوقع أن يؤدي ارتفاع الاستهلاك المحلي الهندي إلى تقليص صادرات البلاد، التي تعد ثاني أكبر منتج للشاي في العالم. وبينما يشهد الإنتاج ركوداً في منتجين رئيسيين آخرين مثل كينيا وسريلانكا، فإن تراجع الصادرات الهندية، التي شكلت 12% من التجارة العالمية العام الماضي، يمكن أن يدفع الأسعار للارتفاع.

اقرأ أيضاً
الهند تعتزم بدء الإنتاج التجاري للرقائق بحلول نهاية العام
تسلا تتلقى 600 طلب فقط على سياراتها في الهند منذ إطلاق المبيعات
الهند تخطط لزيادة قدرتها على استيراد الغاز المسال بنسبة 27%
الهند ترفع واردات زيت النخيل لأعلى مستوى في 13 شهراً
في ظل التوترات مع ترامب .. الهند تعزز العلاقات مع روسيا والصين
ارتفاع سعر الشاي المستخدم في صنع الماتشا لأعلى مستوياته على الإطلاق
روسيا ترفع صادرات الأسمدة وتوسع حصتها في السوقين الصيني والهندي
تراجع متوقع في إنتاج فول الصويا بالهند مع تحول المزارعين لمحاصيل أخرى
الهند تمدد الإعفاء الجمركي على واردات القطن لدعم صناعة الملابس
أدنوك الإماراتية تُوقع اتفاقية مع مؤسسة النفط الهندية لتوريد الغاز من مشروع الرويس
وزير الصحة يبحث مع السفير الهندي تبادل الخبرات في إنتاج اللقاحات والأدوية
تصدير 55 ألف طن فوسفات ووصول 32 ألف طن ألمونيوم بميناء سفاجا
في العام الماضي، انخفض الإنتاج بنسبة 7.8% ليصل إلى نحو 1.3 مليار كيلوغرام، ويرجع ذلك في الغالب إلى الانخفاض الحاد في آسام، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بنحو الخُمس، ليصل متوسط سعر الكيلوغرام إلى 201.28 روبية. تقول مانجو كورمي، التي عملت في مزارع الشاي لمدة 40 عامًا: "لم يكن الأمر هكذا من قبل. كنت أقطف حوالي 110 كيلوغرامات من الأوراق يومياً، أما الآن، ومع ارتفاع درجات الحرارة، لا أستطيع جمع سوى حوالي 60 كيلوغراماً."
يضع انخفاض المحاصيل ضغوطاً إضافية على الصناعة التي تعاني بالفعل من تقلص الأرباح والديون الثقيلة، ما يزيد من صعوبة قيام الشركات بإعادة الاستثمار في المزارع، واستبدال الشجيرات القديمة، وتطوير أصناف مقاومة للمناخ.
التحديات تضاف إلى التكاليف

يؤكد مريتونجاي جالان، مالك مزرعة شاي عمرها 82 عاماً في منطقة تينسوكيا بآسام، أن الطقس الحار لا يساعد على تكاثر الآفات فحسب، بل يجبر أصحاب المزارع على اللجوء إلى ممارسات نادرة مثل ري المزارع. ووفقاً لجمعية أبحاث الشاي، انخفض هطول الأمطار هناك بأكثر من 250 ملم بين عامي 1921 و2024، بينما ارتفعت درجات الحرارة الدنيا بمقدار 1.2 درجة مئوية.
يقول برابهات بيزباروا، أحد كبار مزارعي الشاي، إن الرياح الموسمية، التي تعد المصدر الرئيسي للأمطار في آسام، جلبت هذا الموسم أمطاراً كانت أقل بنسبة 38% عن المتوسط، ما أدى إلى تقصير موسم ذروة الإنتاج إلى بضعة أشهر فقط.
كما تؤدي الأمطار غير المنتظمة إلى انتشار الآفات بشكل متكرر، ما يترك أوراق الشاي مشوهة ومبقعة بالبني، وأحياناً مثقوبة بفتحات صغيرة.
يقول هيمانت بانجور، رئيس الجمعية الهندية للشاي، إن هذه الإجراءات تزيد من التكاليف، التي ترتفع بالفعل بنسبة تتراوح بين 8% و9% سنوياً، مدفوعة بارتفاع الأجور وأسعار الأسمدة.
ويرى المزارعون أن الحوافز الحكومية غير كافية لتحفيز إعادة الزراعة، وهو أمر بالغ الأهمية في آسام، حيث تزداد عمر شجيرات الشاي التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية وتفقد قدرتها على تحمل الظروف الجوية.
تزايد الاستهلاك المحلي
بينما ازدهرت صناعة الشاي في الهند لما يقرب من 200 عام، فإن حصتها من التجارة العالمية قد تنخفض عن رقم 12% المسجل في عام 2024، مع تزايد الازدهار السكاني وارتفاع الطلب المحلي.
قفز الاستهلاك المحلي بنسبة 23% خلال العقد الماضي ليصل إلى 1.2 مليار كيلوغرام، متجاوزاً نمو الإنتاج الذي لم يتجاوز 6.3%. وفي الوقت الذي تقلصت فيه صادرات الشاي عالي الجودة في السنوات الأخيرة، تضاعفت واردات الهند تقريباً في عام 2024 لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 45.3 مليون كيلوغرام