أسواق النفط تواجه اختبارًا حاسمًا مع صعود الإنتاج السعودي وتباطؤ الطلب العالمي


رغم التوترات التجارية المتصاعدة وسياسات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حافظت أسعار النفط على قدر من التماسك خلال النصف الأول من عام 2025، لكن هذا الصمود بات معرضًا للاهتزاز، مع تسجيل السعودية قفزة في إنتاجها النفطي في وقت بدأت فيه مؤشرات الطلب العالمي بالانحسار.
وسجلت أسعار خام القياس العالمي نحو 70 دولارًا للبرميل مؤخرًا، منخفضة من ذروتها هذا العام عند 82 دولارًا في منتصف يناير، لكنها لا تزال أعلى من أدنى مستوى خلال أربع سنوات والبالغ 62 دولارًا في مايو، والذي تزامن مع تخبط إدارة ترامب بشأن الرسوم الجمركية في ما سُمّي حينها بـ"يوم التحرير"، وهو ما أشعل مخاوف الأسواق حول مستقبل النمو العالمي واستهلاك الطاقة.
ورغم تلك المخاوف، بقيت الأسعار مستقرة نسبيًا، بفضل تأجيل ترامب تطبيق تعريفاته الانتقامية، إلى جانب أجواء إيجابية في محادثاته مع الصين، ما خفف من حدة القلق المرتبط بالحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
زيادات إنتاجية دون أثر فوري
اقرأ أيضاً
ارتفاع واردات النفط الخام في الصين خلال يونيو مع تعافي نشاط المصافي
المفوضية الأوروبية تقترح تحديد سقف سعري للنفط الروسي أقل 15% من متوسط سعر السوق
تراجع عدد منصات النفط والغاز الأمريكية للأسبوع الحادي عشر على التوالي
أسعار خام برنت تحقق مكاسب 3% خلال الأسبوع الماضي
”الطاقة الدولية” ترفع توقعاتها لنمو إمدادات النفط خلال عام 2025
”موديز” ترفع التصنيف الائتماني لعمان إلى Baa3 مع نظرة مستقبلية مستقرة
المفوضية الأوروبية تدرس ربط سقف النفط الروسي بالسعر العالمي
البنك المركزى يقرر تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض
مصر والعراق.. بحث سبل تعزيز التعاون المشترك فى أنشطة صناعة البترول
أسعار النفط تقلص خسائرها مع تصاعد حالة عدم اليقين التجاري
مصر والأوروجواي يتطلعان إلى تعزيز التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي
تراجع أسعار النفط إثر قرار أوبك+ بزيادة الإنتاج بوتيرة أعلى من المتوقعة
في أبريل، أقدمت مجموعة أوبك+ بقيادة السعودية وروسيا على زيادة حصص الإنتاج للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاث سنوات، مع خطط لرفع الإمدادات بنحو 2.5 مليون برميل يوميًا حتى سبتمبر. لكن هذه الزيادات لم تؤثر فورًا في السوق، إذ كان العديد من الأعضاء ينتجون بالفعل فوق الحصص الرسمية.
وخلال يونيو، رفعت السعودية إنتاجها بواقع 700 ألف برميل يوميًا ليصل إلى 9.8 مليون برميل يوميًا، إلا أن جزءًا كبيرًا من تلك الكميات تم استهلاكه محليًا، سواء في المصافي أو محطات الكهرباء، وسط ذروة الطلب الصيفي. وتشير تقديرات شركة "وود ماكنزي" إلى أن "الحرق المحلي" للنفط السعودي سيبلغ 695 ألف برميل يوميًا في يوليو، مع توقعات باستمرار ارتفاعه في أغسطس.
الضغوط تتصاعد في النصف الثاني
غير أن التوازن الهش بين العرض والطلب قد لا يدوم طويلًا. ففي النصف الثاني من العام، عادت التوترات التجارية للواجهة بعدما كشف ترامب عن رسوم جمركية جديدة طالت دولًا حليفة مثل اليابان وكوريا الجنوبية، شملت فرض 50% على النحاس و35% على العديد من السلع الكندية.
في الوقت نفسه، تظهر بيانات وكالة الطاقة الدولية أن نمو الطلب العالمي على النفط بدأ يتباطأ، إذ من المتوقع أن يتراجع معدل النمو من 1.1 مليون برميل يوميًا في الربع الأول من 2025 إلى نصف هذا المستوى في الربع الثاني.
وتشير البيانات إلى أن الطلب تراجع في عدة اقتصادات تعتمد على التجارة مع أميركا، منها الصين التي انخفض طلبها بواقع 160 ألف برميل يوميًا، واليابان (80 ألف برميل)، والمكسيك (40 ألف برميل)، وكوريا الجنوبية (70 ألف برميل)، إضافة إلى تراجع في الولايات المتحدة نفسها بنحو 60 ألف برميل يوميًا.
طفرة سعودية مرتقبة في التصدير
بالتوازي، يُتوقع أن ترتفع صادرات النفط السعودي بشكل كبير خلال يوليو وأغسطس، مع تراجع الحرق المحلي وزيادة الطاقة الإنتاجية، حيث تُشير بيانات "Kpler" إلى أن الصادرات السعودية ارتفعت من 5.9 مليون برميل يوميًا في أبريل إلى 6.4 مليون برميل في يونيو، ومن المنتظر أن تصل إلى 7.5 مليون برميل في يوليو، وهو أعلى مستوى منذ أبريل 2023.
ويسعى أكبر مصدر نفطي في العالم لاستعادة حصته السوقية التي تراجعت إلى 11% العام الماضي مقارنة بـ13% كمتوسط خلال العقود الثلاثة الماضية. كما تشير تقارير إلى أن صادرات المملكة إلى الصين في أغسطس قد تصل إلى أعلى مستوياتها في أكثر من عامين.
وبحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية، فإن الإنتاج العالمي من النفط مرشح للارتفاع إلى 105.1 مليون برميل يوميًا في 2025، بزيادة قدرها 2.1 مليون برميل، فيما يُتوقع أن يبلغ الطلب العالمي 103.7 مليون برميل، ما يعني فائضًا محتملًا قدره 1.4 مليون برميل يوميًا خلال العام الجاري.
ضغوط سعرية متوقعة في الربع الأخير
وفي ضوء هذا الفائض، قد تتعرض أسعار النفط لضغوط هبوطية خلال الأشهر المقبلة، خاصة في الربع الرابع عندما يتراجع الطلب الموسمي. وستزداد هذه الضغوط إذا تحولت تهديدات ترامب التجارية إلى خطوات تنفيذية ذات تأثير اقتصادي فعلي.