أثرياء فرنسا يحولون أموالهم إلى لوكسمبورغ وسويسرا هرباً من الضرائب




يشهد القطاع المالي الفرنسي موجة نزوح استثماري غير مسبوقة، إذ يلجأ رجال الأعمال والعائلات الثرية إلى عقود تأمين الحياة في لوكسمبورغ وحسابات الأوراق المالية في سويسرا، كخطوة احترازية ضد الاضطرابات السياسية والتهديدات الضريبية المتزايدة.
بحسب بيانات هيئة الرقابة على التأمين في لوكسمبورغ، ارتفعت استثمارات الفرنسيين في هذه العقود بـ58% خلال 2024 لتصل إلى 13.8 مليار يورو، وهو أعلى مستوى على الإطلاق.

جذور الأزمة.. انتخابات مبكرة وضرائب جديدة
بدأت موجة التحويلات المالية منذ قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة في يونيو 2024، والتي أدت إلى برلمان منقسم وحكومات متعاقبة ضعيفة.

اقرأ أيضاً
لوفتهانزا تدرس إلغاء 100 رحلة في ألمانيا بسبب الضرائب والرسوم
وزير المالية: الأنظمة الضريبية الإلكترونية ساعدت في التيسير على الممولين وتوسيع القاعدة الضريبية
وزير المالية: نمو استثمارات القطاع الخاص 73% خلال العام المالي الماضي
وزير الاستثمار: الدولة تستهدف تقليص زمن الإفراج الجمركي وخفض الرسوم والضرائب
133.3 مليار جنيه صافي أرباح البنك الأهلي المصري بعد الضرائب خلال عام 2024
الضرائب الأوروبية على الكربون تهدد صادرات الهند من الصلب
”الضرائب”: قريبًا طرح الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية للحوار المجتمعي
الضرائب: إصدار أكثر من 1,6 مليار إيصال إلكتروني وما يزيد عن 1,6 مليار فاتورة إلكترونية
”الضرائب”: الإيرادات سجلت ٢,٢ تريليون جنيه خلال العام المالي الماضي
وزير المالية: ٣٥٪ زيادة في الإيرادات الضريبية خلال العام المالي الماضي بلا أعباء جديدة| إنفوجراف
”الضرائب”: خضوع البترول الخام لضريبة القيمة المضافة لن يترتب عليه زيادة الأسعار
وزير المالية: طرح صكوك محلية خلال النصف الأول من العام المالي الحالي
وتواجه حكومة رئيس الوزراء الحالي سيباستيان لوكورنو، المقرب من ماكرون، عجزاً مالياً ضخماً وتسعى إلى سد فجوة تبلغ 2.5 مليار يورو من خلال ضرائب إضافية على 20 ألف من كبار الأثرياء والشركات القابضة.
رغم رفضه حتى الآن إحياء ضريبة الثروة الشاملة، فإن مجرد طرحها من قبل أحزاب اليسار خلق قلقاً عميقاً في الأوساط المالية.

لوكسمبورغ.. الوجهة الأولى
تعد عقود تأمين الحياة في لوكسمبورغ الأكثر جذباً، فهي لا تمنح إعفاءات ضريبية مباشرة، لكن توفر مزايا مهمة، منها:
مرونة مالية وإمكانية الاحتفاظ بالأموال خارج فرنسا.
عتبة دخول مرتفعة تبدأ من 250 ألف يورو، ما يجعلها ملائمة للأثرياء فقط.
مزايا نفسية لكون الأموال في ملاذ خارجي يمكن التحرك به لاحقاً إذا استدعت الظروف.
سويسرا.. الاستقرار قبل الضرائب
إلى جانب لوكسمبورغ، تتدفق أموال ضخمة إلى سويسرا، التي تعتبر الملاذ الأكثر أماناً بفضل استقرارها السياسي ومكانتها المالية.
أوضح المحامي السويسري فيليب كينيل أن العديد من الفرنسيين يبحثون عن ترتيبات ضريبية خاصة، سواء للإقامة تحت نظام الضرائب المقطوعة للمقيمين غير العاملين، أو لفتح حسابات استثمارية طويلة الأمد، بحسب فاينانشال تايمز.
وأضاف «بالنسبة للكثيرين، المسألة ليست الضرائب فقط، بل الاستقرار الذي توفره سويسرا».
تأثيرات أوسع.. إيطاليا وإسبانيا والبرتغال
لم تقتصر الهجرة المالية على لوكسمبورغ وسويسرا، فقد جذبت إيطاليا عدداً من الأثرياء بفضل نظامها الضريبي المرحب، رغم إعلانها مؤخراً رفع الضريبة المقطوعة على الدخل الأجنبي إلى 300 ألف يورو سنوياً.
كما برزت إسبانيا والبرتغال كوجهات بديلة للأثرياء الأوروبيين.
أبعاد اقتصادية واجتماعية
فقدان ثقة داخلية: هروب الأموال يضعف قدرة باريس على تمويل استثماراتها الداخلية.تعزيز الملاذات: لوكسمبورغ وسويسرا تحققان مكاسب ضخمة من تدفق الأموال والاستثمارات.
انعكاسات طويلة الأمد: هذا النزوح المالي قد يتحول إلى هجرة فعلية للأثرياء، ما يفاقم أزمة «الضرائب مقابل الاستقرار».
مستقبل ضبابي
الظاهرة ليست جديدة، إذ شهدت الفترة بين 1980 و2010 موجات انتقال واسعة للفرنسيين نحو سويسرا، قبل أن تنحسر مؤقتاً مع انتخاب ماكرون في 2017.
لكن عودة الاضطرابات اليوم تشير إلى أن الثقة في الاقتصاد الفرنسي تضعف مجدداً، وأن صراع الضرائب والسياسة قد يعيد رسم خريطة الثروة الأوروبية في السنوات المقبلة.