كيف تؤثر أسعار الفائدة الأمريكية على اقتصاديات الدول العربية؟

لا يُمكن بأي شكل من الأشكال إغفال الدور الرئيسي والفعال الذي تُمثله قرارات البنك المركزي الأمريكي (الفيدرالي الأمريكي)، إذ لا يقتصر تأثير تلك القرارات فقط على حدود البلاد، بل تمتد لتتخطى جميع الحواجز الجغرافية وتُلقي بظلالها على العالم بأسره. وبالنظر إلى ذلك، فليس بوسعنا سوى الإقرار بمدى تأثُر الاقتصاد في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط بتوجهات الفيدرالي الأمريكي. إذ تفرض تعديلات البنك المركزي الأمريكي سطوتها على تكاليف الاقتراض المحلية والميزانيات وتدفقات الاستثمار الخاصة بجميع الدول بالمنطقة.
ويُمثل ربط العُملة المحلية بالدور الأمريكي الوسيلة الأساسية لتمرير سياسة أسعار الفائدة الأمريكية، خاصًة بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، إذ قامت دول مثل السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وعُمان بربط عُملاتها المحلية بالدولار الأمريكي منذ سنوات طويلة. فقد أدى ذلك الانفتاح إلى تهيئة الأجواء في المنطقة لتحقيق تطوير شامل في عديد من القطاعات، وتحقيق التطور الملحوظ الذي يشهده ذلك الجزء من العالم. فعلى سبيل المثال، أصبحت وسائل الترفيه الإلكترونية من أبرز الوجهات التي تشغل الجمهور العربي. ولعل قطاع ألعاب الكازينو الإلكترونية واحدًا من أبرز القطاعات التي حققت نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث الألعاب المميزة مثل لعبة كينو مباشر، حيث الإثارة الفورية والتجربة التفاعلية الثرية.
وفي سبيل الحفاظ على مصداقية تثبيت أسعار العُملات المحلية وسد المنافذ أمام تدفقات رأس المال الضخمة وهروبها إلى الخارج، تلجأ البنوك المركزية الوطنية في البلدان العربية إلى مُحاكاة ارتفاعات أسعار الفائدة التي يُطبقها البنك المركزي الأمريكي بشكل متواصل. فيتوجب على دول مجلس التعاون الخليجي رفع أسعار الفائدة في حالة قيام الولايات المتحدة الأمريكية برفع سعر الفائدة لأي سبب مثل دواعي مُكافحة التضخم، حتى وإن كانت الظروف المحلية تستدعي اتخاذ قرارات اقتصادية مُغايرة.
وإلى جانب ربط العُملات المحلية بالدولار الأمريكي، فهناك زاوية أخرى تعكس تأثير قرارات الفيدرالي الأمريكي على البلدان العربية، مثل أن ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات الأمريكية ينتج عنه زيادة قوى الجذب فيما يتعلق بالأصول المٌقومة بالدولار مثل سندات الخزانة الأمريكية، والتي تُعد أحد أبرز الاستثمارات ثباتًا وإغراءًا للمُستثمرين. فقد يؤدي قرار مثل رفع أسعار الفائدة إلى هرولة المُستمثرين من جميع أنحاء العالم لاستغلال الفُرصة، وهذا يعني سحب جميع الاستثمارات من بعض الأسواق الناشئة بما في ذلك العديد من البلاد العربية. وعند حدوث ذلك، تضطر البلاد العربية في أغلب الأحيان إلى اتخاذ إجراءات تعسفية نظرًا للاستنزاف الواضح للنقد الأجنبي، ومواجهة تقلبات في أسواق الأسهم والسندات المحلية.
تشرع الحكومات والشركات العربية في الاقتراض بعملة الدولار الأمريكي لتسهيل تمويل مشاريع البنية التحتية، أو تطوير بعض القطاعات المحلية، ويؤدي رفع أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأمريكي إلى تفاقم العديد من المشكلات مثل:
-
تغيُر أولويات الإنفاق: تضطر الحكومات المحلية إلى تخصيص جزء ضخم من ميزانيتها لسداد الفوائد، الأمر الذي يتسبب في إهمال المشاريع القومية والخدمات العامة الرئيسية مثل الزراعة والتعليم والرعاية الصحية.
-
مخاطر التصنيف الائتماني: قد ينتج عن التزايد المتواصل في تكلفة سداد الديون إلى تكوين صورة سلبية لدى مُنظمات التصنيف الائتماني، وبالتالي ينخفض التصنيف الائتماني، لتُصبح عملية الاقتراض في نهاية المطاف عملية مُكلفة للغاية.
وفي حين أن بعض الدول العربية قد تستفيد من قرارات الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة، مثل الدول المُصدرة للنفط، نتيجة لزيادة قيمة الدولار الأمريكي نتيجة لقرارات مماثلة من خلال الارتقاء بقيمة عائدات صادراتها من النفط، إلا أنه يُمثل أزمة كبيرة بالنسبة للدول الأخرى التي لا تُصدر النفط وغير المربوطة بالدولار الأمريكي، لينتج عن ذلك على سبيل المثال مشكلة التضخم المحلي، وكذلك زيادة تكلفة صادراتها والتأثير على التنافس الدولي.
وختامًا، يجدُر القول بأن صانعي القرار في الدول العربية يتعين عليهم تناول ذلك الأمر بمُنتهى الحرص واستحداث طرق مُبتكرة تسمح بالتعامل مع رفع أسعار الفائدة بطريقة أكثر مرونة، أو على الأقل التقليل من حدة تأثير تلك القرارات. وفي حين امتلاك الدول المُصدرة للنفط أفضلية نسبية نتيجة لصادراتها، إلا أن الدول الأخرى تُعاني من هذه المشكلة، وهو الأمر لا يُستهان به عند النظر إلى اقتصاد منطقة الشرق الأوسط ككُل.