12 مايو 2024 21:24 4 ذو القعدة 1445

رئيس مجلسي الإدارة والتحرير أحمد عامر

أسواق للمعلومات
  • شركات صلاح أبودنقل
اقتصاد

مصارعة اليورو والدولار.. كيف تقود ثورة تغيير القوى الاقتصادية في العالم؟

الدولار واليورو
الدولار واليورو

تلقى اليورو ضربات قوية أمام العملة الأمريكية الدولار منذ غزو روسيا لأوكرانيا، إذ هبطت العملة الأوروبية إلى أدنى مستوى لها في 20 عامًا، مع ارتفاع أسعار الغاز وعدم التيقن بشأن إمدادات الطاقة الروسية، ومخاطر قطع إمدادات الغاز الروسي على الاقتصاد الأوروبي، ما أثار مخاوف الركود في منطقة اليورو.

تم تداول العملة الأوروبية المشتركة عند مستوى منخفض عند حوالي 1.006 دولار (وقت نشر الخبر)، ما شكل انخفاضًا حادًا عن مستوى 1.15 دولار، قبل أن تشن روسيا الحرب في أوكرانيا، حيث أدى الانخفاض الحاد إلى اقتراب اليورو من الوصول إلى مستوى التعادل مقابل الدولار الأمريكي للمرة الأولى منذ أواخر عام 2002.

تعادل اليورو والدولار

يقصد بالتعادل، أن دولارًا أمريكيًا واحدًا أصبح يشتري الآن يورو واحدا.

أسباب تراجع اليورو

إن انخفاض التوقعات الاقتصادية في منطقة اليورو، وسط ارتفاع أسعار الغاز والمخاوف من قطع روسيا لإمدادات الطاقة، يؤدي إلى انخفاض العملة الموحدة، فقد ترك الاعتماد الكبير للاقتصادات الكبرى مثل ألمانيا وإيطاليا على الغاز الروسي، المستثمرين في حالة من التوتر مع توقع الاقتصاديين حدوث ركود أسرع وأكثر ألمًا في منطقة اليورو مقارنة بالولايات المتحدة.

السبب الآخر، هو الفرق في مستويات أسعار الفائدة في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، ففي حين كان بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يرفع أسعار الفائدة بقوة لكبح معدلات التضخم، قاوم البنك المركزي الأوروبي فرض أية زيادات حقيقية.

وجاء ضعف اليورو بشكل غير موات في البيئة الحالية التي تشهد معدلات تضخم مرتفعة نسبيًا، لأنه كلما انخفض سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة، أصبحت عملات أخرى مثل الدولار أقوى، ومن ثم ارتفعت قيمة البضائع القادمة إلى منطقة اليورو وهو ما سيفاقم التضخم، الذي بلغ مستوى قياسيًا جديدًا في منطقة اليورو خلال شهر يونيو ليسجل 8.6% على أساس سنوي.

كما يستفيد الدولار الأمريكي أيضًا من جاذبيته كملاذ آمن، وسط أجواء من عدم التيقن المصاحبة للاقتصادات العالمية، إذ يشعر المستثمرون بالارتياح إزاء الأمان النسبي الذي يوفره الدولار كونه أقل عرضة لبعض المخاطر العالمية الكبيرة في الوقت الحالي.

تشمل دوافع التراجع النسبي لليورو الحرب المستمرة في أوكرانيا، والتي غذت الخوف من أزمة الطاقة والركود، فضلًا عن ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية بشكل حاد، مما دفع المستثمرين نحو الدولار واليورو.

كيف يؤثر تراجع اليورو على المستهلك

من شأن انزلاق اليورو، أن يزيد من العبء على الأسر والشركات الأوروبية، التي تعاني بالفعل من التضخم المرتفع إلى مستويات قياسية، ومن شأن ضعف اليورو أن يجعل الواردات - التي في الغالب بالدولار- أكثر تكلفة، وعندما تكون هذه المواد المستوردة مواد خام أو سلع وسيطة، فإن تكاليفها المرتفعة يمكن أن تؤدي إلى زيادة ارتفاع الأسعار المحلية، ما يضيف عبء أكبر على الاقتصاد الأوروبي نتيجة لضعف اليورو.

وعلى النقيض، فبالنسبة للمسافرين الأمريكيين المتجهين إلى أوروبا، فإن ضعف اليورو هو ميزة تنافسية، فعلى سبيل المثال، سيكونون قادرين على استبدال 1000 دولار مقابل 1000 يورو مقارنة بأقل من 900 يورو في فبراير الماضي، وبالنسبة للشركات التي تستورد السلع الأوروبية، فإن البضائع ستكون أرخص لدى حسابها الدولار.

كما سيدفع ضعف اليورو والتضخم القياسي، المزيد من التحديات التي يواجهها البنك المركزي الأوروبي، الذي يجابه بالفعل تحديات مالية كبيرة بسبب تباطؤه في مكافحة التضخم.

وما يصعب من الأمر على المركزي الأوروبي، أن اليورو لم يضعف فقط مقابل الدولار، ولكن أيضا مقابل العملات الأخرى مثل الفرنك السويسري والين الياباني، ما يؤجج مستويات التضخم إلى مستويات هائلة.

ومع انخفاض قيمة سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة، سيضطر المستهلكون في منطقة اليورو، إلى زيادة نفقاتهم من أجل تغطية تكاليف المعيشة، وينذر هذا الانخفاض بالدرجة الأولى بحدوث ارتفاعات أخرى في أسعار الطاقة والمواد الخام.

وستُخفض المفوضية الأوروبية مجددًا توقعاتها للنمو الاقتصادي في أوروبا للعامين الجاري والمقبل، وترفع توقعاتها للتضخّم نظرًا لتداعيات الحرب في أوكرانيا، بحسب ما أفاد نائب رئيس المفوضية الأوروبية، فالديس دومبروفسكيس.

تاثير التراجع على القدرة الشرائية بمنطفة اليورو

يتم تحرير فواتير ما يقارب نصف المنتجات الواردة إلى منطقة اليورو بالدولار، مقابل أقل من 40% باليورو، وفق بيانات مكتب الإحصاءات الأوروبي "يوروستات".

ويتعلق ذلك على سبيل المثال بالعديد من المواد الأولية، مثل النفط والغاز، والتي ارتفعت أسعارها بالفعل في الأشهر الأخيرة على خلفية الحرب في أوكرانيا، لكن ستكون هناك حاجة لمزيد من اليورو لشراء السلع المستوردة بالدولار.

وبالتالي، فإن انخفاض قيمة اليورو مقابل الدولار، سيتسبب في تعطيل السياحة الأوروبية بشكل واضح، وخاصة في الولايات المتحدة، بحسب ما حذر وليام دو فيجلدر، الخبير الاقتصادي في مصرف "بي إن بي باريبا".

وفي المقابل، يستفيد السياح الأمريكيون، وكذلك القطريون والأردنيون من تبديل العملة - أثناء إقامتهم في منطقة اليورو - إذ يمكنهم أن يستهلكوا أكثر بنفس المبلغ بالدولار، ومن المتوقع أن يعزز التوقعات برفع أسعار الفائدة الفيدرالية ويدفع الدولار للأعلى، مما قد يتسبب في كسر التعادل بين اليورو والدولار.

تأثير تراجع اليورو على الاقتصاد الأمريكي

يهدد تراجع قيمة اليورو، بإلحاق الضرر بالشركات الأمريكية، لأن سلعها تصبح أكثر تكلفة بالنسبة للمشترين الأجانب، إذا تراجعت الصادرات الأمريكية نتيجة لذلك، وبالتالي سيكون الاقتصاد الأمريكي المتباطئ بالفعل كذلك أيضًا.

ومع ذلك، هناك جانب إيجابي للأميركيين أيضًا، حيث يوفر المال الأقوى راحة متواضعة من التضخم الجامح، لأن المجموعة الواسعة من السلع التي يتم استيرادها إلى الولايات المتحدة، أصبحت أقل تكلفة، ويوفر الدولار أيضًا صفقات للسائحين الأمريكيين الذين يشاهدون المعالم السياحية في أوروبا، من أمستردام إلى أثينا.

كما يتسبب رفع أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، في ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، الأمر الذي يجذب المستثمرين الباحثين عن عوائد أكثر ثراءًا، مما يمكنهم الحصول عليه في أي مكان آخر في العالم، وهذا الطلب المتزايد على الأوراق المالية المقومة بالدولار، يعزز بدوره قيمة الدولار.

وقال جريج ماكبرايد، كبير المحللين الماليين في شركة Bankrate المالية في نيويورك، إن التأثير على الواردات والصادرات سيكون نسبيًا، مما يزيد من تكلفة السلع الأمريكية المباعة في أوروبا، بينما يجعل السلع الأوروبية أرخص في الولايات المتحدة، ما يساعد في تخفيف تأثير ارتفاع التضخم.

أسواق للمعلومات مصر 2030
الدولار اليورو العملات الأجنبية أسعار صرف اليورو أسعار الفائدة تعادل اليورو والدولار الركود الاقتصادي أسباب تراجع اليورو سعر اليورو مقابل الدولار
أسواق للمعلومات أسواق للمعلومات
أسواق للمعلومات أسواق للمعلومات